“ليسا أهلا للتعليم لأنهم أشخاص من ذوي اضطراب التوحد الشديد”.. كان هذا الحكم الذي حصلت عليه سناء في قضية نفقة تعليمية رفعتها على طليقها. حكم يستند على قانون الأحوال الشخصية الذي يحصر الحق في نفقة التعليم، بأن يكون “الولد ذا أهلية للتعلم”.
تخالف المادة ١٩٠ من قانون الأحوال الشخصية ضمانات الحق في التعليم لذوي الاعاقات الذهنية والتوحيد الشديد، خصوصا مع اجتهادات قضائية تحصر مفهوم بالتعليم بالتعليم .الاكاديمي والشهادات وليس المفهوم الأوسع لتنمية القدرات والتواصل
:وكما ورد في صحيفة الغد
تتساءل سناء: هل تعريف التعليم يقتصر على التعليم الأكاديمي والشهادات؟ أليست مصلحة الولدين تتطلب استمرار تسجيلهما في مراكز متخصصة، لضمان عدم حدوث انتكاسات أو تراجع في سلوكهما، خصوصا أن والدهما مقتدر”.
تعكس حالة ابناء سناء، التضارب بين قانوني الأحوال الشخصية وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، ففي وقت ينص فيه قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على الحق بالتعليم دون تمييز لذوي الإعاقة، فإن قانون الأحوال الشخصية حصر حق النفقة التعليمية بمن وصفهم “بذا أهلية التعلم”.
وتنص المادة (17) من قانون حقوق الأشخاص على حظر استبعاد الشخص من أي مؤسسة تعليمية على أساس الإعاقة أو بسببها، وإذا تعذر التحاق الشخص ذي الإعاقة بالمؤسسة التعليمية لعدم توافر الترتيبات التيسيرية المعقولة، أو الأشكال الميسرة أو إمكانية الوصول، فعلى وزارة التربية والتعليم، إيجاد البدائل المناسبة بما في ذلك ضمان التحاق الشخص بمؤسسة تعليمية أخرى.
كما تنص المادة (18) من القانون ذاته، على ضرورة “تضمين السياسات العامة والاستراتيجيات والخطط والبرامج التعليمية متطلبات التعليم للأشخاص ذوي الإعاقة، بما يحقق تمتعهم الكامل بحقهم في التعليم والوصول لجميع البرامج والخدمات والمرافق والمؤسسات التعليمية”.
وفي هذا السياق، يدعو مختصون الى ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية، بحيث يضمن الحق في النفقة التعليمية دون تمييز بناء على الإعاقة، في مقابل ذلك فإن مصدرا قضائيا، رد على استفسار “الغد” بإمكانية أن تتوجه الأم برفع قضية أخرى على أن تتعلق القضية بمسألة التدريب والتأهيل وليس التعليم.
لكن مختصين يرون بأن وجود نص واضح، قد يجنب الأسر هذا النوع من الاشكاليات، لافتين إلى ان الحاجة تطال أيضا تعديل قانون حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة، ليتضمن نصا واضحا بتحديد النفقة التعليمية لذوي الإعاقة، فضلا عن وضع تعريف اشمل للتعليم، بحيث لا يقتصر على التعليم الأكاديمي، بل يمتد لتعليم المهارات الحياتية والتأهيل والتدريب.
وفي هذا السياق، تقول ميسر أعمال مفوضية الحماية في المركز الوطني لحقوق الانسان الدكتورة نهلا المومني، إن “هذه الحالة تفرض ضرورة مراجعة قانون الأحوال الشخصية، خصوصا ما يتعلق بمفهوم نفقة التعليم ليأخذ بالاعتبار موضوع تعليم الأطفال من ذوي التوحد، وحتى غيرهم من الأطفال ذوي الإعاقة.
وترى أن هناك “ثغرة في القانون”، لافتة إلى أن الثغرات تظهر خلال التطبيقات العملية للقانون، التي تبرز وتكشف عن الاختلالات في القانون.
وتؤكد المومني، انه وان كانت النصوص القانونية لا تسعف، فهناك مبدأ سام وجوهري، وهو مصلحة الطفل الفضلى والذي نص عليه قانون الأحوال الشخصية، وأيضا اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها الاردن.
وتشدد المومني على ضرورة تغليب مصلحة الطفل الفضلى والحكم له، فاذا لم يسعف النص القانوني اللجوء باي قرار الى مصلحة الطفل الفضلى، والتوسع في مفهوم التعليم ويشمل جميع فئات الأطفال احتراما لحقهم في النمو والبقاء والتعليم.
من ناحيته، يوضح الأمين عام للمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الدكتور مهند العزة، أن المشكلة مركبة ويجب تداركها بتعديلات على قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، بحيث يدخل في مفهوم نفقة التعليم، كل ما يتعلق بالتأهيل السلوكي والوظيفي للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية واضطراب طيف التوحد.